روايه للكاتبه ذكيه محمد

موقع أيام نيوز

الفصل الأول
في منزل بسيط في إحدى الأحياء الشعبية فتحت عينيها على أثر خطوط أشعة الشمس الذهبية المنبعثة من الشرفة الخاصة بها و اختلطت بخصلاتها فصبغتها باللون البني اللامع كما أعطت بشرتها الناصعة لمعة خاصة . نهضت بتثاقل وهى تتثائب و تتمطأ بكسل نظرت فى الساعة وجدتها السابعة فهتفت بصوت ناعس بسرعة كدة جات سبعة دول يدوب خمس دقايق اللي نمتهم بعد الفجر.

التقطت منشفتها و دلفت للمرحاض لتغتسل و الذي طلبت بتصميمه خصيصا داخل غرفتها على الرغم من ظروفهم المعيشية المتوسطة ولكنها أصرت على ذلك منذ أن علمت بنوايا ابن خالتها الدنيئة تجاهها . بعد وقت اغتسلت وارتدت ملابسها الفضفاضة الباهتة وحجابا طويلا ثم التقطت حقيبتها بعد أن تأكدت من وجود متعلقاتها بها وتوجهت للباب وفتحته بالمفتاح بعد أن أوصدته جيدا كما تفعل في كل ليلة لتحظى بالأمن و تنام قريرة العين.
وضعت حقيبتها على الطاولة ومن ثم دلفت للمطبخ لتعد وجبة الإفطار لخالتها المړيضة وذلك السمج الذي تمقته. انسجمت في إعداد الطعام و شعرت فجأة بأن هناك أنفاس ساخنة ټحرق وجنتها سحبت السکين بسرعة واستدارت ورفعتها في وجهه قائلة بټهديد لو قربت يا حاتم سنتي كمان ھقتلك أنت فاهم 
رفع يده باستسلام قائلا بخبث بس في ايه يا رحيق دة جزاتي يعني بصبح عليكي .
جعدت أنفها بضيق قائلة لا يا سيدي صبح من بعيد مش لازم طريقتك القڈرة دي هوووف ..
أردف بخبث بالراحة على أعصابك يا جميل ليحصلك حاجة .
نفخت وجنتيها بضجر قائلة ممكن إذا تكرمت تطلع برة على ما أحضر الفطار 
مسح على صدره قائلا وهو يتلاعب بحاجبيه ماشي يا قمر أنت تؤمر . قال ذلك ثم خرج بينما قبضت على مقبض السکين الذي بيدها بشدة وهتفت بكره ربنا ياخدك يا أخي بني آدم حقېر سايب أمه اللي بټموت جوة و عمال يقل أدبه .
ثم أضافت پخوف مبهم يا رب اشفيها هي اللي بتحميني منه أنا مش عارفة هعمل إيه لو راحت وسابتني .
بعد ان انتهت توجهت للغرفة المتواجد بها خالتها المړيضة بالكلى والتي اشتد عليها المړض منذ يومين ولزمت الفراش . دلفت للداخل و على وجهها ابتسامة عذبة عندما وجدتها متيقظة وتستند بظهرها على الفراش فهتفت بحنان صباح الفل عليكي يا خالتي أخبارك إيه النهاردة 
ابتسمت لها بدورها وهتفت بخفوت الحمد لله يا بنتي هو أحسن من امبارح شوية .
ساعدتها على النهوض قائلة بحنو طيب يلا يا ستي علشان أساعدك تروحي الحمام . ثم أضافت بمرح ده أنا عملتلك فطار إنما إيه أول ما تاكلي هترجعي علطول ..
ضحكت بوهن قائلة جاتك إيه يا رحيق يا بت أنا مش قدك مش قادر أضحك.
أردفت بلهفة معلش يا خالتي لو كنت تعبتك

وأنا ما أقصدش.
ربتت على يدها بحنو قائلة انت عمرك ما تعبتني يا بنتي بالعكس دة انت شايلاني على كفوف الراحة لو ليا بنت ما كنتش هتعمل كدة معايا . 
ثم أضافت بحزن ربنا يقدرني و أرد جميلك دة يا بنتي .
أردفت بعبوس جميل إيه يا خالتي انت زي أمي الله يرحمها بالظبط انت اللي عوضتيني عن غيابها ما تقوليش كدة تاني هزعل منك ولو في حد بيرد جميل هيبقى أنا مش أنت.
ابتسمت لها بحنو و تساءلت بداخلها يا ترى الأيام هتعمل فيكي إيه لو ربنا افتكرني يا رب حلها من عندك خاېفة أقولها وخاېفة اسكت مش عارفة أعمل إيه ! يا رب وكلت الأمر إليك .
خرجت تسندها بعد أن فرغت من كل شئ فسحبت لها المقعد لتجلس عليه و هتفت بصوت مخټنق يا حاتم ...حاتم تعال أفطر .
أردفت صفية بتساءل هو لسه ما صحيتش ولا ايه! 
أردفت بتوتر لا صحي يا خالتي بس هو جوه.
هزت رأسها بتفهم قائلة طيب روحي ناديه علشان يلحق يفطر ويروح يشوف شغله .
مطت شفتيها بتهكم قائلة بخفوت شغل ! هو دة بيعمر في حتة الحشاش المعفن دة ! 
ثم هتفت بصوت عال حاتم تعال أفطر ما ليش دعوة بعد كدة .
جلست إلى جوار خالتها ثم شرعت في تناول طعامها بينما أخذت الأخرى تطالعها بأسى وهي تعلم تمام العلم السبب خلف رفضها للذهاب ناحية غرفته كما تعلم جيدا بنوايا ابنها البذيئة وتعلم ما يريد فعله لذلك يجب أن تضعها في مأمن قبل أن تصعد روحها لخالقها.
خرج يزفر بضيق من فشل مخططه فهو توقع أن تقودها قدميها إلى غرفته لكي تستدعيه لتناول الطعام و عندها يحتجزها في غرفته و يفعل بها ما يشاء و لكن ذهب كل ذلك سدى فقد خالفت كل توقعاته .
جلس على المقعد قبالتهن و شرع في تناول الطعام بغيظ مكبوت بينما راقبته هي بابتسامة ظافرة . أردفت صفية بحنو هتنزلي بردو النهاردة يا رحيق 
اومأت بنعم قائلة بأمل أيوة يا خالتي إدعيلي ألاقي شغلانة المرة دي .
خرج صوته الساخر قائلا جرا إيه يا ست الأبلة متخرجة ليكي شهر و عاوزة تشتغلي ! دة إنتي قلبك جامد بقى و شكلك عايشة في مية البطيخ.
تأففت بضيق قائلة أومال عاوزني أحط إيدي على خدي ! أديك شايف الحال ولا البيه مش واخد باله !
أردف بتهكم و يا ترى هتشتغلي إيه هي الحكومة هتعينك أبلة بالسرعة دي ! مش شايفة اللي قبلك رجالة كمان متلقحين على القهاوي وانتي عملالي سبع رجالة في بعض !
جزت على أسنانها پغضب شديد قائلة أنا مليش دعوة بحد أنا ليا مستقبلي اللي هبنيه خطوة بخطوة هبتديه و مش هسمح لأمثالك يرجعوني ورا بكلامهم دة .
رفع

حاجبه بتهكم قائلا وهو يوجه حديثه لوالدته شايفة يا أما اهه اللي إحنا بنربيها و بنصرف عليها بتقل أدبها و بتعض اليد اللي إتمدتلها صحيح زي القطط تاكل وتنكر .
أدمعت عيناها پقهر قائلة شوف صرفت كام يا حاتم وأنا هدفعوا .
ضحك بسخرية قائلا لا يا شيخة ! منين يا حسرة ! يكونش اتفتحتلك طاقة القدر وأنا ما أعرفش !
تدخلت صفية تهتف بتعب ما يصحش يا ابني اللي بتقوله ده دي بنت خالتك بردو من لحمنا ودمنا.
نهضت تاركة طعامها و هي تحاول قدر المستطاع أن لا تزرف دموعها أمامهم و هتفت بتماسك أنا ماشية يا خالتي زمان آلاء مستنياني .
تبخرت كالبخار حينما نطقت بكلماتها و طوت درجات السلم بخطوات سريعة و قلبها ېنزف من الداخل بجراحه المتعددة فهي بلا أب ولا أم تركاها بمفردها تعاني الويلات وعاشت مع خالتها التي عالتها حتى كبرت بعد ۏفاة والدتها وهي في سن العاشرة ودون أب وكلما تسأل عنه يخبروها بأنه سافر لبلاد الخليج ولم يعد حتى الآن.
واجهت المصاعب بمفردها دون أن تجد سندا لها و على الرغم من أن خالتها تعاملها بالمودة والحنان إلا أنها لم تكن تشاركها أسرارها و أوجاعها التي تؤرقها في لياليها الطويلة . تعودت أن لا تتحدث مع أحد عن شيء يخصها أو يمثل صعوبة لها كانت تجتاز كل ذلك بالصبر والمثابرة فشكلتها الأيام أن تكون قوية و أن يكون لديها صبرا طويلا و أن مهما بلغت الصعوبات فلا بد من مخرج طالما هي مع الله . لقد علمتها الحياة أن تترك چروحها خلفها و تمضى قدما وأن الحياة لا تقف على أحد وعليها أن تسير للأمام وتسعى بكل طاقتها للوصول إلى ما تبغيه وأنه لايوجد مجال للوقوف و البكاء على اللبن المسكوب.
مسحت عبراتها سريعا وهي تمر أمام الورشة الخاصة لتصليح السيارات والتي يعمل حاتم بها نفخت بضيق حينما سمعت تطاول أحد الجالسين والذي يتأملها بوقاحة قائلا إمتى هتحن علينا يا أبيض يا أجنبي أنت 
لم ترد عليه فهي قد اعتادت عليه من قوله لتلك العبارات وكم من المرات التي أتى لطلب يدها من خالتها ولكنها ترفضه دائما و منذ ذلك الحين وهو يمني نفسه بأن توافق و تقبل به زوجا لها .
وصلت لآخر الشارع فوجدت زميلتها آلاء تنتظرها فهتفت بمرح إيه دة كل دة تأخير يا ست رحيق مخصوم منك تلات أيام .
ابتسمت لها بخفوت قائلة بتهكم مش لما نشتغل الأول يا أختي !
هتفت بتمني إن شاء الله هتظبط المرة دي يلا بينا .
______________________________________
جعدت وجهها بتذمر وهي تلوح بيديها في الهواء ظنا منها أن الفاعل بعض الذبابات إلى أن ذلك الشيء لم يتوقف مانعا إياها من أخذ قسط وافي

من الراحة فتحت عينيها قائلة بضيق يووه دبان رخم مش عارفة أتخمد منك ..... إلى أنها انتبهت لذلك صوت الملائكي الذي هتف بضيق وهو سربت على ذراعها كي تستيقظ ماما اثحى ماما ....
نهضت و جلست نصف جلسه انتقدته ويقبع بين ذراعها وانهالت عليه بوابل من القبلات في جميع أنحاء وجهه قائلة من بين القبلة والأخرى حبيب ماما وروح ماما وعقل ماما أنت يا ميدو يا جميل.
أنهت كلماتها ثم أخذت تدغدغه ببطنه فتعالت ضحكات الصغير قائلا بتقطع بث ...بث ..خلاث يا ماما بطني وجعني ..
توقفت فورا قائلة بلهفة اسم الله عليك يا قلبي يلا يا بطل أكيد جعان .
أومأ بموافقة قائلا اه جعان ماما يلا قومي.
نهضت بسرعة قائلة حاضر يا حبيب ماما أديني قومت أهو .
خرجت للخارج و وجدت والدها ووالدتها على طاولة الطعام فألقت عليهم تحية الصباح فردوها بهدوء بينما هتف والدها بعدم رضا مش تقومي تشوفي طلبات الواد بدل ما أنتي نايمة كدة !
هتفت بهدوء والله ڠصب عني يا بابا راحت عليل نومة من شغل امبارح .
تدخلت والدتها قائلة بحنو خلاص يا حاج حصل خير روحي حضري الأكل لابنك يا حبيبتي .
أومأت بحزن ومن ثم حملت الصغير و ولجا سويا للمطبخ و تكبح دموعها بصعوبة فهي منذ أن ټوفي زوجها وهو يعاملها بخشونة وأحيانا ما تفلت منه زمام الأمور ويهذي بكلمات غير تزيد من أوجاعها حينما يقول إنها وش فقر اترملت بدري بدري هتقعدلي في البيت و كثيرا من تلك الكلمات التي تزيد من اتساع فوهة چراحها .
نظرت لطفلها ذو الثلاث أعوام والذي بمثابة حبل النجاة لها في بحر الألم الذي ټغرق بداخله أنه هو الوحيد الذي يرطب تلك الغرز المنتشرة في قلبها و هو الوحيد من بني جنسه القادر على جعلها تشفى بابتسامة واحدة منه . أما الدواء الحقيقي يتمثل في قربها من الله والتعبد له والدعاء بأن يلهمها الصبر على تلك الاختبارات التي تدلفها واحدا تلو الآخر ولم تخرج إلا بقول واحد الحمد لله .
وضعت صغيرها على المقعد و بدأت تعد له
تم نسخ الرابط